الولهان Admin
عدد المساهمات : 180 تاريخ الميلاد : 28/04/1985 تاريخ التسجيل : 14/07/2012 العمر : 39
| موضوع: «القديس» أبوتريگة يحگي قصة حياته -الحلقة الثانية الخميس أغسطس 30, 2012 8:49 pm | |
| «القديس» أبوتريگة يحگي قصة حياته -الحلقة الثانية [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] كنا نلعب في إحدي الدورات التي أقيمت بمركز شباب ناهيا وفزنا بالكأس.. وحصلت يومها علي فانلة الأهلي التي كانت وقتها تعتبر كنزاً لأي لاعب منا، ونظراً لميولي الأهلاوية التي نشأت عليها داخل أسرتي، فرحت بها جداً، فقد كانت أول جائزة في حياتي الكروية، لكن فرحتي لم تكتمل، لأنني لم أحصل علي لقب أفضل لاعب في الدورة رغم أنني كنت أستحقه بشهادة الجميع، وذهبت الجائزة لنجل أمين صندوق مجلس إدارة المركز، كنوع من التعويض له ولوالده بعدما خسر فريقه الكأس، وكانت المجاملة واضحة للجميع، وعزائي الوحيد أن كل من تابع الدورة أشاد بي وأكد استحقاقي للقب أفضل لاعب. لا يمكن أن أجد كلمات أصف بها مدي ارتباطي بشقيقي الأكبر أحمد، كان بالنسبة لي يأتي في الترتيب الثاني بعد والدتي، لدرجة أنني كنت أطلب منه اصطحابي معه لأي مكان يذهب إليه، حتي عندما يلعب الكرة كنت أحرص علي حمل حقيبته والذهاب معه إلي الملعب.. والسبب في ذلك أنه كان موهوباً جداً، ولا أبالغ إذا قلت إنه ـ رحمه الله ـ من المواهب النادرة التي استمتعت بأدائها طيلة حياتي. وكانت له تجربة في اختبارات الأهلي، وقد أعجبوا بمهاراته وإمكاناته العالية، لكنهم سرعان ما فرطوا فيه بسبب صغر جسمه، فأبلغه المقربون منه وقتها أنه يحتاج إلي واسطة لكي يلعب للأهلي فاقتنع بكلامهم وفضل اللعب كهاو في الدورات الرمضانية مع أصدقائه وفي مركز شباب ناهيا، ولا أبالغ إذا قلت إنه كانت هناك جماهير تأتي له خصيصاً من القري المجاورة لمشاهدته وهو يلعب. ارتباطي بشقيقي لم يكن غريباً علي الأسرة، فقد كانت روحنا فيه، لدرجة أن حالة الحزن التي عمت المنزل وقت وفاته ظلت مستمرة لفترة طويلة.. كانت لحظات سماعي للخبر أشبه بالصدمة، أشعر في كل يوم أن الوفاة حدثت منذ دقائق.. فقد كنت أجلس في المنزل، وكانت والدتي تعمل في المطبخ، بينما كنت أرسم عروسة في كراسة الرسم ففوجئنا بالخبر، لم نصدق ما سمعناه، وظللت واجماً مصدوماً لفترة طويلة، فلم أكن أتوقع أن يفارقني بهذا الشكل المفاجئ، لكن قدر الله وما شاء فعل. وربما يكون بكائي علي رحيل شقيقي أحمد من اللحظات التي لن أنساها طوال حياتي، لأنني لم أبك سوي مرتين، كانت هذه واحدة منهما، أما الثانية فكانت يوم مباراة اعتزال الكابتن محمود الخطيب عام 1987، كانت لحظة صعبة في حياتي لأنني كنت أعشقه وأعتبره مثلي الأعلي في الملاعب، ولن أنسي أبداً كلماته الأخيرة في مهرجان الاعتزال عندما قال للجماهير: «ألف شكر.. ألف شكر». ويومها ظللت أردد بيني وبين نفسي: «ليه يا بيبو لسه بدري.. لسه بدري علي الاعتزال»، ثم انخرطت في بكاء شديد ودخلت حجرتي وأغلقت الباب فترة طويلة. [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]اعتزال الكابتن محمود الخطيب عام 1987، كانت لحظة صعبة في حياتي لأنني كنت أعشقه وأعتبره مثلي الأعلي في الملاعب تذكرت أن هناك أموراً عديدة كان يجب أن أتحدث عنها قبل الخوض في التفاصيل مثل تعريف الجماهير بطبيعة منزلي الذي نشأت فيه وعلاقتي بوالدي ووالدتي.. من هنا أستأذنكم في أن أخصص هذه الحلقة للحديث عن تلك الأمور الأساسية التي فاتني الحديث عنها في العدد الماضي، فالمؤكد أن تلك الأمور ستعطي القارئ بعض الملامح الأساسية والحوادث التي أثرت في تكويني منذ طفولتي. البيت بيتنا لا يختلف في شيء عن أي بيت ريفي في القري المصرية، فهو يتكون من طابقين ليستوعب كل أفراد الأسرة، أشقائي وزوجاتهم وأبنائهم. ويفتخر والدي ـ وأنا معه ـ بأنه بني هذا البيت بيديه طوبة طوبة. لكن أهم شيء في بيت العائلة ليس شكل الحجرات والحوائط والأبواب والشبابيك، وإنما ذلك السحر الغامض الذي يجعله دائماً جنتي الصغيرة علي الأرض، عندما أدخله أشعر بالطمأنينة والأمان التام، إذا كنت حزيناً ودخلته يزول همي، أشم فيه دائماً رائحة المحبة ومن هدوئه أستمد سكينة الروح.. وقد اعتدت أنا وأشقائي علي تخصيص يوم الجمعة للتجمع والالتقاء في بيت العائلة كل أسبوع بوجود جميع الزوجات والأبناء، إضافة إلي أيام المناسبات والأعياد. [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] والدي هو من يؤازرني بشدة ويدعمني في حياتي، بل يوجه لي النقد أحياناً.-والدي والدي «محمد محمد أبوتريكة» يعمل «جنايني» وعمره حالياً «67 عاماً».. وربنا يعطيه الصحة وطول العمر ـ لم يفكر أبداً في الجلوس بالمنزل ليستريح في شيخوخته.. والدي لديه مبدأ دائماً ما يردده أمامي منذ صغري وهو أنه يحب أن يأكل من عرقه ومن عمل يديه، إذ كان يقول العبارة المأثورة «الإيد البطالة نجسة». وبالرغم من أنه يعاني بعض المشكلات الصحية، فإن حماسه للعمل لم ينقطع أبداً، ويعتبر العمل جزءاً من حياته لا يمكن الابتعاد عنه أو التفريط فيه. وقد حاولت أنا وأشقائي أكثر من مرة أن نقنعه بالراحة في المنزل بعد بلوغه سن المعاش لكنه رفض طلبنا بشكل قاطع.. لذلك يزداد افتخارنا به يوماً بعد يوم، ونعتز بعمله وبإرادته وعزيمته.. وهو حالياً مسئول عن فيللا كبيرة لأحد الأثرياء السعوديين بالزمالك، وأظن أن هذا الثري السعودي لا يعرف شيئاً عني فهو لا يأتي إلي مصر إلا لفترات قصيرة وعلي سنوات متباعدة.. لكن مدير أعماله المسئول عن الفيللا يعرفني جيداً. وقد اعتدت علي عدم التدخل في قرارات والدي وحياته، فأنا أراه في صورة البطل الذي جاهد وكافح في حياته ليربيني ويعلمني أنا وأشقائي أفضل تربية، ووصل بنا لمراحل تعليمية جيدة، وأعتبره مثلاً أعلي وقدوة لي. وهو يؤازرني بشدة ويدعمني في حياتي، بل يوجه لي النقد أحياناً.. فبعد مباراتنا أمام أنيمبا في نيجيريا كنت أزوره في البيت، وعلق علي إحدي الفرص التي أتيحت لي خلال المباراة عندما سددت الكرة فارتدت من العارضة، وقال لي إنني عندما أتخذ قرار التسديد يجب أن أختار التوقيت الملائم والمساحة المناسبة لأضمن دخول الكرة للمرمي.. وأضاف: إن الحال كان سيختلف يومها لو لم نكن متقدمين بهدف أو كان الفريق صاحب الأرض فائزاً، لأن أحداً لم يكن ليرحمني علي هذه الفرصة الضائعة. أكبر إخوتي هو شقيقي أحمد حصل علي بكالوريوس تجارة ومن بعده شقيقي حسين خريج كلية دارعلوم ويعمل مدرس لغة عربية، ثم الأستاذ أسامة مدرس الرياضيات الحاصل علي بكالوريوس تجارة وشقيقتي ناهد ونعمات متزوجتان، ثم أنا وشقيقي الأصغر محمود الذي حصل علي معهد الروضة، بينما حصلت علي ليسانس آداب قسم تاريخ. والحقيقة أنني كنت الفتي المدلل لوالدي حتي أنجب شقيقي الأصغر محمود ولم أبتعد عن منزلنا في ناهيا سوي بعد زواجي، حيث انتقلت بعدها للإقامة في شقتي بشارع فيصل. ورغم أن والدي خرج علي المعاش، إلا أنه مازال يصر علي العمل وكل أفراد أسرتنا فخورة بروحه العالية وإصراره علي العمل لآخر لحظة طالما هو قادر علي العطاء، وأتذكر أن والدي اصطحبني في إحدي المرات معه لإحدي الحدائق التي كان يعمل فيها وذهبنا يومها بالدراجة وشاهدت كل زملائه في العمل مع أبنائهم الذين كانوا يحرصون علي اصطحابهم معهم في الأعياد وأي مناسبات لكن والدي لم يصطحب أحداً من أشقائي والمرة الوحيدة التي حرص فيها علي اصطحاب أحد كانت في المرة التي ذهبت فيها معه. آخر زيارة لوالدي في عمله كانت قبل لقاء فيلا الأوغندي في دور الـ 32 لبطولة دوري الأبطال ويومها حكي لي عم شعيب زميله في العمل عن أولاده الأهلاوية الذين يغيظونه بي لأنه زملكاوي وطلب مني يومها أن أخف شوية علي الزمالك في مباريات القمة، ثم طلب مني تي شيرت يحمل توقيعي وعندما سألته عن السبب علي اعتبار أنه زملكاوي متعصب أبلغني أنه سيهديه لأفضل أولاده دراسياً.[center] [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] والدتي هي أم بمعني الكلمة.. تعدل بين أبنائها ولا تفضل أو تجامل واحداً منا علي حساب الآخر والدتي هي نموذج خالص للأم المصرية، الطيبة المفرطة التي تصل إلي حد المثالية، الحنان العظيم والإخلاص والتفاني.. هي ربة منزل بسيطة، لا يشغلها في حياتها سوي تربية أبنائها والعمل علي راحتهم، ليست لها أي علاقة بالكرة سوي الدعاء لي وللفريق الذي ألعب له سواء عندما كنت في الترسانة أو بعد انتقالي للأهلي.. وتخاف بشدة من مشاهدة المباراة لأنها لا تحتمل رؤية المشهد إذا سقطت علي الأرض أو أصبت أو دخل علي أحد الخصوم بقوة في أي كرة مشتركة.. هي أم بمعني الكلمة.. تعدل بين أبنائها ولا تفضل أو تجامل واحداً منا علي حساب الآخر، ولديها فيضان من الحب والحنان ربما لا يوجد في أي أم أخري، أنا مدين لها بالكثير الذي أخذته منها، ولا أعتقد أنني أستطيع وفاء هذا الدين طيلة عمري، فما أعطته لي لا يوزن بالذهب ولا يقدر بثمن. سندويتشات «عم مكي» منذ الصغر ارتبطت بمطعم الفول والطعمية الموجود في سور نادي الزمالك، حيث كان هو مصدر الساندويتشات التي أشتريها يومياً قبل دخولي نادي الترسانة وطبعاً لأن المصروف كان يكفي بالكاد لركوب المواصلات وشراء ساندويتش أو اثنين فلم تكن السندويتشات تخرج عن نطاق الفول أو الطعمية لكنني لن أنسي طعمها اللذيذ الذي مازلت أشعر به داخل فمي. وكنت قد كونت صداقة مع «عم مكي» صاحب المطعم الموجود في سور نادي الزمالك وحتي الآن أحرص علي شراء بعض الساندويتشات منه وغالباً ما يتكرر ذلك في الأيام التي أستيقظ فيها مبكراً، حيث أحرص علي الإفطار في المطعم قبل الذهاب للنادي لأداء التدريب الصباحي، لكن طبعاً الوضع اختلف في أنني أصبحت قادراً علي اختيار الساندويتشات بينما كان الأمر صعباً من قبل لأن أي تأليف أو عنطزة سيدمر المصروف. [/center] | |
|